دولي, أخبار تحليلية, التقارير

باكستان.. هل تنجح مساعي إنهاء التمرد في بلوشستان قريبًا؟

تحليل

14.12.2017 - محدث : 14.12.2017
باكستان.. هل تنجح مساعي إنهاء التمرد في بلوشستان قريبًا؟

İslamabad

كراتشي/ عامر لطيف/ الأناضول

منذ عقود، يعاني إقليم "بلوشستان"، جنوب غربي باكستان، من حالة تمرد مسلحة، تسببت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والتنموية في أكبر أقاليم البلاد من حيث المساحة، وأكثرها غنىً بالموارد الطبيعية، الأمر الذي يرى محللون أنه يتجه نحو الاحتواء، في ضوء تكثيف إسلام أباد جهودها لتحقيق مصالحة مع المتمردين البلوش.

وبالرغم من تأكيد مراقبين أن تطبيع أوضاع بلوشستان سيستغرق وقتًا طويلًا، إلا أن عددًا من المؤشرات ظهرت في الآونة الأخيرة، تدل أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح، أبرزها تمكن السلطات من إقناع نحو ألفي مسلح بتسليم أنفسهم، مقابل وعود بالعفو ومكافآت مالية ووظائف حكومية، وفق وسائل إعلام محلية.

وفي حديث للأناضول، أشار أنور الحق كاكار، المتحدث باسم حكومة الإقليم، الى وجود آمال كبيرة بتحقيق مصالحة شاملة قريبًا، لافتا إلى تنامي إدراك قوي بين المسلحين أن مهمة "تحرير الإقليم" غير قابلة للتنفيذ نهائيا، ما سهل على أعداد كبيرة منهم تقبل المبادرات الحكومية، في سبيل إنهاء الصراع.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عاد الزعيم الانفصالي البلوشي، "نوابزادة غازاين مري"، إلى باكستان، بعد عقدٍ من الزمن قضاه في منفاه الاختياري، ما عدّ تطورًا كبيرًا أضيف إلى رصيد نجاحات المساعي الحكومية.

ومن أبرز خطوات إسلام أباد في الآونة الأخيرة؛ منح مئات الطلاب البلوش منحًا دراسية في جامعات بإقليم البنجاب (شرق)، وتخفيف معايير تجنيد المتقدمين من بلوشستان في الجيش، الأمر الذي أثار دهشة العديد من المراقبين، وأثار ضجة في وسائل الإعلام المحلية.

*جذور الأزمة وحساباتها الجديدة

يشير المحلل السياسي البلوشي، صديق بلوش، أن جذور العنف في الإقليم تعود للقرن التاسع عشر، ويوضح، في حديث للأناضول، أن المنطقة شهدت أول تمرد عام 1843 بعد الغزو البريطاني، ولم تهدأ منذ ذلك الحين، بل وتطورت إلى اشتباكات طائفية وعرقية.

وفي السنوات الأخيرة، بدأ حل هذه الأزمة يحتل أهمية استراتيجية لدى إسلام أباد، فعلاوة على كون الإقليم غنيًا بالذهب والغاز الطبيعي، ويشكل 44% من مساحة البلاد، فإن الشراكة الاقتصادية-الاستراتيجية للبلاد مع الصين ضاعفت ضرورة تسوية الأزمة، وساهمت في مضاعفة زخم الاهتمام بها، وربما في رفع بعض المتمردين سقف مطالبهم.

ودشّن البلدان، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، الممر الاقتصادي الذي يمر في الولاية نحو ميناء "جوادر" على سواحل بحر العرب، وذلك بإطلاق أول سفينة تجارية صينية منه نحو الأسواق العالمية.

وتعهدت بكين بتخصيص 54 مليار دولار للاستثمار في مشروعات على طول الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وهو ما يبشر بتحقيق تنمية كبيرة في بلوشستان، التي ستحظى بحصة الأسد نظرًا لاستحواذها على أطول مسافة من الخط التجاري، وما يفرضه ذلك من ضغوط إضافية على الحكومة الباكستانية إزاء ملف التمرد، ويزيد من حساسيته.

وبحسب "بلوش"، فإن إسلام أباد ستضطر لدفع تكاليف مرتفعة لتعويض 70 عامًا من التهميش، بحسبه، والذي ما يزال قائمًا في أجزاء واسعة من الإقليم، وما يزال يشكل رافدًا للمتمردين بالشباب "الفاقد للأمل".

وفي المحصلة، فإن المعطيات تبشر بتحقيق تقدم في هذا المضمار، إلا أنه سيكون بطيئًا تتخلله العديد من المخاطر، وخصوصًا تعرض الاستثمارات والمصالح الصينية لهجمات المسلحين، وتحول الأزمة إلى البعد الإقليمي، بالنظر إلى أهمية الممر التجاري بالنسبة للصين، واتهام باكستان للهند بتوجيه المتمردين لاستهدافه.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.