دولي, أخبار تحليلية, التقارير

خبراء: اتفاق إعادة لاجئي الروهنغيا إلى ميانمار "حبر على ورق" (تحليل)

الاتفاق أبرمته حكومتا بنغلاديش وميانمار في نوفمبر الماضي، وخبراء رأوا أنه يتضمن شروط "شبه مستحيلة" ويفتقد لرقابة طرف ثالث

12.12.2017 - محدث : 12.12.2017
خبراء: اتفاق إعادة لاجئي الروهنغيا إلى ميانمار "حبر على ورق" (تحليل)

Dhaka

دكا/ متسيم بيلا و سوروار علم / الأناضول

شكك خبراء سياسيون في جدوى الاتفاق المبرم بين حكومتي بنغلاديش وميانمار الذي ينص على إعادة لاجئي الروهنغيا إلى إقليم أراكان (راخين) وتوطينهم، واعتبروه مجرد "حبرا على ورق، وتم تصميمه حتى يفشل".

وبحسب الخبراء في تصريحات للأناضول، ينص الاتفاق الثنائى الموقع فى 23 نوفمبر/تشرين ثاني المنصرم على بعض الشروط "شبه المستحيلة" للتحقق من إقامة الأشخاص الذين وصفهم الاتفاق بأنهم "نازحون من ميانمار" بدلا من وصفهم بتسميتهم الحقيقية "أقلية مسلمة من الروهنغيا".

وبهذا الخصوص قال سي آر أبرار، منسق وحدة أبحاث حركات اللاجئين والمهاجرين (مقرها العاصمة البنغالية دكا)، للأناضول، إن "الاتفاق مجرد حبر على ورق حيث يهدف فقط إلى تخفيف الضغوط الدولية على ميانمار".

وأضاف أن الاتفاق "ينطوي على العديد من القيود"، من شأنها أن تحول دون تطبيقه.

وأرجع أبرار، أحد أبرز خبراء شؤون الروهنغيا فى بنغلاديش، موقفه من الاتفاق، إلى افتقاده لأية "طريقة تسمح بإشراك طرف ثالث في تحديد هوية اللاجئين بموجب الاتفاق".

وتابع قائلاً "بعض بنود الاتفاق تجعل من المستحيل عودة اللاجئين الروهنغيا إلى الوطن".

وأوضح أن ذلك يرجع جزئيا إلى أن قوات أمن ميانمار "انتزعت جميع الوثائق التي كانت بحوزة الروهنغيا بالقوة عندما هربوا من الاضطهاد؛ ما جعلهم يتجاهلون أهمية حمل وثائق فى ظل الظروف (القاسية) عند الفرار من الإبادة الجماعية".

كما استطرد قائلا "أنه حتى إذا أظهر الروهنغيا وثائق تثبت إقامتهم، فإن حكومة ميانمار لديها الحق في رفض أي شخص تريده"، بموجب الاتفاق.

- تعقيدات ممنهجة

وفي السياق ذاته، أشار الخبير في حركة اللاجئين بالعاصمة البنغالية، إلى قيام حكومة ميانمار بتغيير الأسماء الرسمية لكثير من القرى والمناطق السكنية في أراكان.

ومضى أبرار مبيناً "إذا ذكر الروهنغيا اسم قرية أو مدينة ينتمون إليها (من التي تم تغيير أسمائها)، فإنه ستكون هناك شكوكا في إمكانية قبولهم".

ورأى الخبير البنغالي أن "الاتفاق محض هراء، وسوف تستخدمه حكومة ميانمار كدفاع (عن نفسها) أمام الانتقادات الدولية".

فيما أوضح أن الاتفاق "لا ينص على شيء فيما يتعلق بضم منظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية التى تقدم مساعدات إنسانية إلى الإشراف على عملية العودة".

وينص الاتفاق على أن تقوم الحكومتان (في ميانمار وبنغلاديش) "بالتنسيق على النحو الواجب مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك".

وأردف أبرار بالقول "قيل إن الروهنغيا العائدين سيحتجزون في مخيمات لفترة قصيرة من الزمن، لكن ليس هناك مدة محددة لذلك الاحتجاز (..) ولا أعتقد أن هناك أي بند في هذا الاتفاق يحمي حقوق الروهنغيا، ولهذا لا أعتقد أنهم سيعودون".

- لا بنود لمراقبة العودة

في الشأن ذاته، قال إم. همايون كبير، سفير بنغلاديش سابقا لدى الولايات المتحدة، "إن العديد من الأمور المتعلقة بعودة الروهنغيا إلى ميانمار لم تُحدد بعد".

وأضاف في حديث مع الأناضول "هذه ليست سوى المرحلة المبدئية من الاتفاق، وما زال هناك الكثير من الأمور التى يتعين تنفيذها، لدينا حوالى شهر ونصف قبل تنفيذ الاتفاق".

وبموجب اتفاق نوفمبر، فإن الوثائق الوحيدة المقبولة باعتبارها صالحة لإثبات إقامة الروهنغيا في ميانمار هي "نسخ من الوثائق الصادرة في ميانمار وتشير إلى إقامتهم فيها، مثل بطاقات تعريف الهوية القديمة أو المنتهية وأي وثائق أخرى ذات صلة (عناوين السكن، وثائق ممتلكات الأسرة لمنزل، أو عمل تجاري أو وثائق إثبات الحضور في المدارس، وغيرها).

واتفق "كبير" على أنه "لا وجود لأية بنود تفرض مراقبة عملية ترحيل الروهنغيا وإعادتهم إلى ميانمار"، مشدداً بالقول "إن لم يطمئن الروهنغيا للعودة، فلن يعودوا".

بدوره رأى "رو ناي سان لوين"، الناشط الروهينغي المقيم في أوروبا أن عودة الروهنغيا إلى ميانمار "مستحيلة عمليا".

وأضاف في تصريحات للأناضول أنه "يتعين على بنغلاديش أن تكون قوية جدا عند التعامل مع ميانمار، وألا تقبل أي عبء تفرضه ميانمار عليها".

وتابع "لن يعود الروهنغيا إلى الوطن ما لم تعترف حكومة ميانمار بمواطنتهم وحقوقهم الأساسية، كبناء المنازل في قراهم الأصلية وعدم تعرضهم للاضطهاد (مجدداً)".

- النفوذ الصيني

في سياق متصل، أفاد أفسان شودرى، وهو صحفى مخضرم وباحث فى بنغلاديش أن "الصين هي اللاعب الرئيسى في هذا الاتفاق، وأنه تم بسبب نفوذ بكين".

وأوضح في حديه للأناضول، أن كلا من بنغلاديش وميانمار لديهما علاقات مالية تقدر بمليارات الدولارات مع الصين، وأن الأخيرة يمكنها التحكم في كل شيء عبر قدرتها على التأثير الضمني على الدولتين.

وتابع "وفقا لاختيار الصين، تم إبرام اتفاق ثنائي بدلا من اتفاق متعدد الأطراف".

وأرجع شودري قدرة الصين على التأثير على بنغلاديش، إلى حصول الأخيرة على قروض منخفضة الفائدة من الصين.

ولفت إلى أن الصين كانت أول دولة فى العالم ترحب بالاتفاق.

ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، في إقليم أراكان، غربي البلاد.

وأسفرت الجرائم المستمرة منذ ذلك الحين، عن مقتل آلاف من الروهنغيا، حسب مصادر محلية ودولية متطابقة، فضلا عن لجوء قرابة 826 ألفا إلى بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة.

وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهنغيا "مهاجرين غير شرعيين" من بنغلادش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم".



الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.